نظرة عامة في القيادة التحويلية
كُتب بواسطة بدر بن خلف الضمادي
تعد القيادة التحويلية من أبرز المناهج القيادية التي جذبت أنظار العديد من الباحثين في مجال القيادة ، و أصبح التركيز عليها كبيرا منذ بداية عام 1980 ميلادي ؛ والقيادة التحويلية هي جزء من نموذج القيادة الجديد الذي يعطي أهمية أكثر للكاريزما ( الشخصية الجذابة ) والعناصر الفعالة للقيادة ت.
شير دراسات أقيمت عام 2001 إلى أن ثلث الأبحاث التي أجريت كانت في القيادة التحويلية أو الكاريزما ، ودراسات أخرى حديثة (عام 2012) تشير إلى أن عدد الأوراق العلمية والاقتباسات في هذا المجال ينمو بصورة متزايدة، ليس فقط في المجالات التقليدية كالإدارة وعلم النفس الاجتماعي، بل أيضا في تخصصات أخرى كالرعاية الصحية والتربية والهندسة الصناعية. ويعتقد العلماء أن شعبية القيادة التحويلية قد تعود إلى تركيزها على التحفيز الذاتي وتطوير المرؤوسين ، فهي تناسب متطلبات الأفراد ومجموعات العمل في الوقت الحالي، من خلال القدرة على الإلهام وتعزيز القوة والثقة بالنفس من أجل تحقيق النجاح في الأوقات الصعبة والمجهولة. لذلك نجد، وبشكل واضح، أن الكثير من العلماء والباحثين من طلبة الدراسات العليا مهتمون بالقيادة التحويلية ويدرسونها ونراها تشغل مكانا مركزيا في البحوث القيادية.
القيادة التحويلية -كما يشير اسمها- هي عبارة عن عملية أو خطوات تهدف إلى تغيير وتحويل الأشخاص، تهتم بالعواطف والقيم والأخلاقيات والمعايير والأهداف الطويلة الأمد، وتشمل تقييم محفزات ودوافع المرؤوسين وإرضاء متطلباتهم وكذا معاملتهم على اعتبار أنهم كائنات بشرية كاملة. وتتضمن القيادة التحويلية شكلا استثنائيا للتأثير يدفع المرؤوسين إلى تحقيق ما هو أبعد من المتوقع منهم وتجاوز المصالح الشخصية إلى المصلحة العامة؛ فهي عملية تجسد غالبا الكاريزما والرؤيا الواضحة للقيادة. وقد تستخدم القيادة التحويلية -على أنها منهج شامل- لوصف نطاق واسع للقيادة، من محاولات محددة للتأثير على المرؤوسين بشكل فردي إلى محاولات واسعة جدا للتأثير على المؤسسات أو حتى مجتمعات بأكملها. وبالرغم من أن القيادة التحويلية تلعب دورا حيويا في التغيير السريع إلا أن الأتباع والقادة مرتبطون بشكل وثيق ولا يمكن فصل بعضهم عن بعض في عملية التحويل.
إن أول من أطلق مصطلح القيادة التحويلية هو داونتون في عام 1973، ولكن ظهوره منهجا مهما في القيادة بدأ من خلال الكتاب الكلاسيكي الذي ألفه عالم الاجتماع السياسي بيرنز والمعنون بالقيادة عام 1978. حاول بيرنز ربط أدوار القيادة والتبعية، فهو يعتقد أن القادة هم الأشخاص الذين يستطيعون الوصول إلى الدوافع الكامنة والظاهرة لدى المرؤوسين التابعين لهم لتحقيق أهداف القادة والمرؤوسين جميعا. ويعتقد بيرنز أيضا أن القيادة تختلف تماما عن السلطة لأنها جزء لا يتجزأ من احتياجات ومتطلبات المرؤوسين.
في عام 1985، أسهم العالم باس في تطوير ووضع نظرية منهجية للقيادة التحويلية معتمدا بشكل جزئي على ما قام به بيرنز، ووضع لها نماذج ومقاييس لقياس عوامل السلوك القيادي من خلال Multifactor Leadership Questionnaire . قام باس بعمل شرح مفصل لتعزيز وتوسيع ما قام به بيرنز من خلال منح الاهتمام لمتطلبات المرؤوسين أكثر منه للقادة، وذلك باقتراح إمكانية تطبيق القيادة التحويلية في المواقف التي تكون فيها النتائج غير إيجابية؛ كما وصف القيادة التبادلية (Transactional leadership) والتحويلية بالخط الواحد المتصل غير مستقلين بعضهما عن بعض كما يدعي بيرنز. وقد قام باس أيضا بإعطاء أهمية أكثر للعوامل العاطفية وتفصيل مصدر الكاريزما، وذلك باقتراح أن الكاريزما عنصر ضروري لكنه لا يكفي للقيادة التحويلية. وتتكون سلوكيات القيادة التحويلية من أربعة عناصر هي التأثير المثالي Idealised influence (الكاريزما) ، والحافز الإلهامي Inspirational motivation، والإثارة الفكرية stimulation Intellectual، والاعتبار الفردي Individualised consideration.
يعتقد باس أن القيادة التحويلية تحفز المرؤوسين لبذل جهد مضاعف وأكبر من المتوقع من خلال: 1) رفع مستوى إدراك المرؤوسين لأهمية وقيمة الأهداف المثالية والمحددة، 2) تهيئة المرؤوسين لتجاوز مصالحهم الشخصية من أجل المصلحة العامة للفريق أو المؤسسة، 3) نقل المرؤوسين لتلبية وإشباع احتياجات أعلى فيما يتعلق بإدراك وتحقيق الذات في حياتهم العملية.
أخيرا، هناك قلق كبير حيال القيادة التحويلية وخصوصا ما يتعلق بالكاريزما وسوء استخدامها. هناك قادة تحويليون استخدموا قدراتهم التأثيرية في قيادة الأتباع إلى غايات هدامة وأنانية وشريرة. غالبا ما يتبادر إلى أذهاننا القادة الذين عاثوا فسادا وقتلوا ودمروا الآلاف بل الملايين من البشر مثل أدولف هتلر وبول بوت وجوزيف ستالين. هؤلاء القادة يطلق عليهم مصطلح القادة المزيفون Pseudo-transformational leaders. هؤلاء يظهرون عناصر كثيرة من القيادة التحويلية وخصوصا عنصر الكاريزما Idealised influence، ولكنهم يملكون دوافع شخصية واستغلالية وتضخيما للذات.
المراجع
Bass BM (1985) Leadership and performance beyond expectations New York : Free Press, 1985.
Northhouse PG (2013) Leadership: Theory and Practice (6 Edition). SAGE Publications, Inc.