السؤال :_ قال تعالى : (( وعصى ادم ربه )) ماوجه المعصيه في الاية ؟
عن محمد بن الجهم قال :
حضرت مجلس المأمون ، و عنده الرضا علي بن موسى ( عليه السلام ) ، فقال له المأمون :
يابن رسول اللّه أليس من قولك ان الأنبياء معصومون ؟ قال : بلى . قال : فما معنى قول اللّه عز و جل : و عصى آدم ربه فغوى ؟ . فقال ( عليه السلام ) : إن اللّه تبارك و تعالى قال لآدم ( عليه السلام ) : أسكن انت و زوجك الجنة و كلا منها رغدا حيث شئتما و لا تقربا هذه الشجرة . و أشار لهما الى شجرة الحنطة ( فتكونا من الظالمين ) و لم يقل لهما لا تأكلا من هذه الشجرة و لا مما كان من جنسها ، فلم يقربا تلك الشجرة ، و انما أكلا من غيرها لما أن وسوس الشيطان اليهما ، و قال : ( ما نهيكما ربكما عن هذه الشجرة ، و انما نهاكما ان تقربا غيرها و لم ينهكما عن الأكل منها إلا ان تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ، و قاسمهما اني لكما لمن الناصحين . و لم يكن آدم و حوا شاهدا قبل ذلك من يحلف باللّه كاذبا ، فدليهما بغرور ، فأكلا منها ثقة بيمينه باللّه ، و كان ذلك من آدم قبل النبوة ، و لم يكن ذلك بذنب كبير استحق به دخول النار ، و انما كان من الصغائر الموهوبة ، التي يجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم ، فلما اجتباه اللّه تعالى ، و جعله نبيا ، كان معصوما ، لا يذنب صغيرة و لا كبيرة ، قال اللّه عز و جل :
( وعصى آدم ربه فغوى ، ثم اجتباه ربه فتاب عليه و هدى ) . و قال اللّه عز و جل :
( إن اللّه اصطفى آدم و نوحا و آل ابراهيم و آل عمران على العالمين ).
( ثم بسط اللّه سبحانه له فى توبته ، و لقّاه كلمة رحمته ، و وعده المردّ الى جنته ) اختلف المفسرون فى توبة آدم هل كانت قبل الهبوط أو بعده ، و في القرآن ما يدل على كلا القولين إذ يقول عز و جل : ( فعصى آدم ربه فغوى ، ثم اجتباه ربه فتاب عليه و هدى ، قال اهبطا منها جميعاً …) فالمستفاد من هذه الآية ان التوبة كانت قبل الهبوط ، و قال عز من قائل : ( فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه و قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو و لكم في الأرض مستقر و متاع الى حين ، فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم ، قلنا اهبطوا منها جميعاً …) فانك ترى ان التوبة بعد الهبوط و قبله ، و لو لا خوف الوقوع في الخطأ ، و النهي عن التفسير بالرأي لكان لنا مجال في التصرف في [ اهبطوا ] الأولى بأنه هبوط من الجنة الى السماء ، كما قال تعالى : اهبطوا مصراً ، و يظهر لمن تصفّح الأخبار و الأحاديث الواردة في المقام هذا الاختلاف لا تصريحا بل تضمنا . و الأحسن ما قاله شيخنا المجلسي [ ره ] في غير هذا الموضع : فالجزم بأحد المذاهب لا يخلو من إشكال .
و لكن المستفاد من كلام امير المؤمنين ( عليه السلام ) : هنا بغير تصرف و تأويل ان التوبة كانت قبل الهبوط ، و كيف كان فقد بسط اللّه تعالى أسباب التوبة لآدم بنزول جبرئيل ، أو الخطاب ، [ و لقّاه كلمة رحمته ] أي علمه اللّه و لقنه الكلمة التي إن قالها رحمه اللّه و غفر له ، و هي التوسل بمحمد و آله الطاهرين صلوات اللّه عليهم أجمعين ، كما في التفسير و بعض كتب الأخبار ، و حينما قبل اللّه توبة آدم سأل آدم جبرئيل أراجعي الى الجنة ؟ فقال اللّه تعالى سأعيدك الى الجنة التي أخرجتك منها .
اعداد : زينب رشيد