عدوى التثاؤب :
التثاؤب هو أكثر الحالات انتقالا بالعدوى على الإطلاق ، حيث يكفي أن يتثاءب شخص واحد في مكان به جمع غفير من الناس ليتثاءبوا جميعاً خلال لحظات .
كما ليس بالضرورة مشاهدة شخص يتثاءب حتى تبدأ بالتثاؤب ، إذ يكفي التفكير به ، أو القراءة عنه ، وحتى العميان يتثاءبون عندما يسمعون عن التثاؤب .
هناك قول مأثور يؤكد أن المتثائب الواحد يصيب (7) آخرين بعدواه ، وقد تمكن البروفسور الأمريكي روبيرت بروفين أستاذ علم النفس بجامعة ماريلاند من إثبات هذا القول عبر سلسلة من التجارب أجراها على طلابه ، فقد أرغمهم على مشاهدة شريط فيديو عن التثاؤب ، ودون ملاحظاته ، فتبين له أن الرؤية تؤدي دورا أساسيا في نقل العدوى .
وفي تجربة أخرى لعلماء النفس ، كانت النتيجة مختلفة ، فقد تم اختيار بعض المتطوعين لمشاهدة شريط مرئي يعرض أشخاصا يتثاءبون ، ومراقبة ردود أفعالهم ، فكانت خلاصتها أن عملية التثاؤب لا تنتقل إلى الجميع ، بل إلى أفراد يتميزون بحساسية مفرطة واستعداد للتأثر السريع بأفكار وسلوك الأقارب والأصدقاء ، فقد أكدت هذه التجربة أن بعض المتطوعين تجاوبوا بسرعة مع العرض واندمجوا في موجة من التثاؤب ، بينما لم يتأثر غالبية المشاهدين ، ورغم أن الجميع كانوا في حالة مماثلة من اليقظة والنشاط ولا يعانون الإرهاق أو الرغبة في النوم .
إن تفشي التثاؤب بالعدوى أمر محير غامض للآن ، وتقتصر المعرفة على أن رؤية شخص يتثاءب تنتقل إلى مركز الرؤية في الدماغ ومن هناك تنتقل إلى مركز التثاؤب .
يمكننا القول أن التثاؤب يعد عاطفة مثل العواطف الأخرى التي تكمن في نوازع الإنسان الداخلية ، كالحب والخوف والجوع والضحك والبكاء ، فالإنسان يتأثر بالوسط المحيط به ، فهو يضحك إن كان من حوله يضحكون ، ويحزن إذا كان من حوله يحزنون ، وهكذا يفعل التثاؤب ، لذا يمكننا أن نطلق عليها أيضا اسم عاطفة مشاركة الآخرين وهي عاطفة تم التأكد منها لدى الإنسان والقرود والشمبانزي والأسود والنمور .
إلا أن الأطفال تحت سن العامين لا يتأثرون بتثاؤب الآخرين ، والسبب يعود إلى أن العدوى تنتقل من خلال الفص الجبهي غير المتكون بعد عند الأطفال في تلك السن ، والفص الجبهي من الدماغ هي المنطقة التي تؤدي دورا رئيسيا في ضبط السلوك والانفعالات .
ومن الملاحظ أيضا أن المصابين بالفصام لا يتثاءبون إلا نادرا ، وأنهم تقريبا محصنون ضده .