ففروا الى رحمة الله
كان رجل يبكي وينادي :
أين قلبي .. أين قلبي .. من وجد قلبي ؟
فدخل يوما بعض السكك ، فوجد صبيا يبكي وأمه تضربه ، ثم أخرجته من الدار فأغلقت دونه الباب ، فجعل الصبي يلتفت يمينا وشمالا ، ولا يدري أين يذهب ، ولا أين يقصد ، فرجع إلى باب الدار ، فوضع رأسه على عتبته فنام ، فلما استيقظ جعل يبكي ويقول :
يا أماه من يفتح لي الباب إذا أغلقت عني بابك ؟
ومن يدنيني من نفسه إذا طردتني ؟
ومن الذي يؤويني بعد أن غضبت علي ؟
فرحمته أمه فقامت فنظرت من خلل الباب ، فوجدت ولدها تجري الدموع على خده ، متمرغا في التراب ، ففتحت الباب ، و أخذته حتى وضعته في حجرها ، و جعلت تقبله
وتقول :
يا قرة عيني و عزيز نفسي ..
أنت الذي حملتني على نفسك ..
وأنت الذي تعرضت لما حل بك ..
لو كنت أطعتني لم يكن مني مكروها ..
فقال الرجل :
قد وجدت قلبي .. قد وجدت قلبي ..
هل تعرف كيف وجد قلبه ؟
في التذلل على عتب باب ربه ، و الخضوع لمولاه والفرار منه إليه ، لأن كل شيء تخافه تفر منه إلا الله إذا خفته فإنك تفر إليه ..
﴿ ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ﴾ صدق الله العلي العظيم .
غيداء عبد الامير