مـن أنــا ؟ أنــا الثورة يابنتي .. أنا الحسين
ازاح بيديه قفل الباب وخرج من ملكوت ضريحه متأزرا ً بعبائته ، وانسل من بين الناس يمشي بهدوء , كان يتفحص شوارع المدينة بعينينه الحالمتين و زخات المطر المتقطعة تضيف لتقاسيم وجهه بهاء ً سماوياً ، اخذ يجوب الطرق و هو يتمتم ( الحمد لأله السماء ) و يتفرد بالجمل الربانية لايقطعها سوى سعال فيضع يده على اضلاعه المهشمة كي لايخرج صوته فيغيب وسط زحام الناس ويظهر مرة اخرى ، توقف امام براد للمياه نقشت عليه بعض الكلمات ( أشرب الماء وتذكر عطش الحسين )
يبتسم ابتسامته المعهودة وهو يقول لنفسه :
( ألم يتعلم اهل العراق بأني عطش للحريــة لا للماء ، و اني لويت اذرع الفرات ورميته طوعــا ً من أجل ماارمي اليه ، ألا توجد احواض للحرية يسقون الناس بها فهم عطشى مثلي ! وهل اصبح … ) .
قطعت مناجاته زمجرة سيارة انفجرت والناس يهربون خوفاً من ان تقتلهم فليس من رادع لهذه الحيوانات الالية .
أستل سيفه وصاح :
_ يااهل العراق أيزيد ثانيــةً يجول في شوارعكم ؟
اخذ يتطلع في أوجه العابرين و اللامبالاة تعلوا فوق حواسهم .. تعلوا مبادئهم .. تعلوا فوق شعاراتهم !!
اخذته الغربة و السعال يضرب صدره ، احس ببعض دوار العمـر ، أرجع سيفه في غمده ويزين يده دماً بدل الخاتم .
وضع يده على حائط احد منازل مابعد الثورة ، افترش الارض ولملم شفتيه المتشققة من عطش الناس لــه ، مابال هذا الاعياء القدري لايفارق جسده ، الم يحن الوقت ان تشفى جراحه .
_ عمــو عمــو شبيك ليش تعبان ..
تكلمه طفلة كانت تلعب بالقرب من موضع جلوسه لم ينتبه لها .
وضع يده على جبهته ورفع راسه و ابتسم بحرقة فقد عادت بنات السبي تلعب ببراءة امامه و صوت الطفلة اعاد حسابات الشوق لمن تركهم في الشام .
_ كلا يارقيــ …. عفوا ً كلا يابنتي و لكــنه اعياء يتجدد كل مساء لاتهتمي فمادامـت خيانات الواقع و رسائل اهل الزور تغذي جرحي وهذي الجثث المحروقة .. لاينفك دوار الثورة يأخذني ..
_ عمو عمــو منو أنت ؟.. قالت الطفلة كلماتها وهي تتفحص هذا الوجه القمري ولاتعلم ماسر الدفئ الصادر من عينيـه .
_ مـن أنــا ؟ أنــا الثورة يابنتي .. أنا الحسين
منقول ..
أمل الانصاري