المصابون بمتلازمة داون .. ليسوا أغبياء بل مختلفين
الإصابة بمتلازمة داون هي عبارة عن خلل في الكروموزوم (أو الصبغي) رقم 21 ، فيتكرر هذا الكروموزوم ثلاث مرات في خلايا الجسم ، ومن هنا جاءت تسمية “التثالُث الصبغي 21”.
ويتفاوت هذا الخلل من مصاب إلى آخر ، وبالتالي يعيش بعض المصابين عادةً مع عائلاتهم بشكل طبيعي بل ويذهبون إلى العمل ، في حين يحتاج البعض الآخر منهم إلى رعاية مكثفة .
ويقول هاينتس يوآخيم شميتس رئيس الشبكة الألمانية لرعاية المصابين بمتلازمة داون : “الناس يخافون قليلاً في البداية ، فيتراجعون خطوتين إلى الوراء ، ولكنهم يتقدمون ثلاث خطوات إلى الأمام حين يكون بينهم وبين المصابين تواصُل”.
ويبرّر ذلك بأن المصابين بمتلازمة داون غالباً ما يكونون أشخاصاً سعداء وأقل تجهماً من غيرهم ، ويضيف قائلاً : ” لديهم عالمهم الخاص الذي لا يخرجون عن حدوده ويعيشون فيه بسعادة”.
لكنه يَأسَف كثيراً نظراً لردود الفعل الحذرة التي تصدر عن الناس حين يصادفون مصابين بمتلازمة داون ، ويضيف : ” الأشخاص الذين يعانون من متلازمة داون هم جزء من مجتمعنا ولا يمكن استبعادهم من المجتمع “.
• قادرون على التعلم :
أندريه تسيمبل متخصص تربوي وخبير في الطب العصبي النفسي ، ويقول إنه يُجرِي حالياً دراسة على 1000 شخص ممن يعانون من متلازمة داون.
دراسته تهتم بشكل خاص بكيفية تعلم هؤلاء المصابين بشكل أفضل وتركّز على المحتويات أو المضامين التي يتعلمونها بشكل أحسن.
وما هو واضح بالفعل هو أن الأشخاص الذين يعانون من التثالُث الصبغي 21 لديهم اهتمام أقل بالبيئة المحيطة بهم، لكن “هذا التحول في الاهتمام لديهم لا يشكل نقطة ضعف بل يشكل نقطة قوة “.
“لذا لا يمكن للمدارس التعليمية الخاصة رعايتهم في هذا المجال لأن اعتمادهم على ما هو مُجرَّد أكبر من اهتمامهم بما هو ملموس. لكن نظراً لذلك فإنهم قادرون على تعلُّم القراءة والكتابة وهم في سن السنتين أو الثلاث سنوات”.
• ليسوا أغبياء :
ويتمنى أندريه تسيمبل أيضاً أن يصبح المصابون بمتلازمة داون أكثر قبولاً في المجتمع، شأنهم في ذلك شأن المصابين بداء التوحد، الذين لا يتمتعون بقدرات عادية على التواصل مع محيطهم.
ويأسَفُ أندريه تسيمبل لذلك قائلاً : “نحن نعيش في مجتمع يقدّس الذكاء وقَلَّما يكون فيه ما هو أسوأ من أن يعتبر الناس المرء غبياً”.
ويعتبر أن “في مثل هذه البيئة يكون ازدراء المصابين بـالتثالُث الصبغي 21 كبيراً، إذ يعتقد الناس أنهم مصابون بخلل في الذكاء، رغم أن هذا ليس صحيحاً في الواقع”.
• مساعدتنا للآخرين تجعلنا نشعر بالسعادة :
منذ وقت ليس بقصير، توجد في ألمانيا مدارس شاملة يتعلم فيها الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة مع الأطفال العاديين. ومن شأن هذه المدارس أن تعود بالنفع ليس فقط على الأطفال المصابين بالإعاقة ولكن أيضاً لها فائدتها في الاتجاه المعاكس: “فالأطفال غير المصابين بمتلازمة داون تسنح لهم فرصة تقديم المساعدة لغيرهم”، كما يقول تسيمبل.
ويضيف : “في علم النفس العصبي، تم إثبات أن مساعدتنا للآخرين تجعلنا نشعر بالسعادة، تماماً كإحساسنا بالسرور حين نأكل الشوكولاته أو حين نربح في اليانصيب”.