يعاني بعض الأشخاص من كوابيس ليلية مفزعة تسلب النوم من أعينهم وتحول حياتهم إلى جحيم ، حيث تسيطر الهواجس و المخاوف على عقليتهم وتطاردهم أينما ذهبوا ، ويقعون فريسة للتوتر والضغط العصبي .
ونظراً لأن هؤلاء الأشخاص عادة ما يتذكرون تفاصيل الحلم، فإنهم يتحاشون النوم هرباً من مواجهة الرعب ، مما يصيب جسدهم على المدى الطويل بالإنهاك والتعب ، ومن خلال تعلم كيفية التعامل مع هذه الكوابيس ، يستطيع هؤلاء الأشخاص التخلص منها وممارسة حياتهم بشكل طبيعي مجدداً .
مشاعر سلبية :
وتقول أستاذة علم النفس التجريبي في جامعة دوسلدورف الألمانية يوهانا تونكير إن “من أهم ما تتسم به الكوابيس أنها تضع الإنسان تحت سيطرة مجموعة من المشاعر السلبية السيئة .. فغالباً ما يزداد شعور الإنسان بالخوف أو الغضب أو حتى الخزي أثناء معايشة الكوابيس ، لدرجة تجعله يستيقظ من نومه وهو تحت وطأة هذه المشاعر “.
وترى رئيسة معهد أبحاث الوعي والأحلام بالعاصمة النمساوية فيينا بريغيت هولتسينغر أن من أضرار الكوابيس أنها توّلد مخاوف لدى البعض من الخلود إلى النوم بشكل عام، مما يجعلهم يُرجئون موعد النوم على الدوام، حتى وإن كانوا في قمة التعب والإرهاق.
الأسباب :
وحول الأسباب المؤدية إلى الإصابة بالكوابيس تقول إنه “عادةً ما يُعاني من الكوابيس الأشخاص الذين أصيبوا بصدمة حقيقية في حياتهم، أو الذين يعايشون موقفاً حياتياً يتسبب لهم في الوقوع تحت ضغط عصبي”.
كما يعتقد العلماء أن الأشخاص الحالمين ومرهفي الحس يُمثلون الفئة الأكثر عُرضة للمعاناة من الكوابيس.
وأشارت الخبيرة النمساوية هولتسينغر إلى أنه عادةً ما تزداد معاناة الأطفال فيما بين 4 و12 عاماً من الكوابيس أثناء النوم، مُرجحةً سبب ذلك بقولها “قد يرجع ذلك إلى طبيعة مرحلة النمو التي يمر بها الأطفال خلال هذه المرحلة العمرية، والتي تتسم بتعلم مهارات جديدة على نحو مستمر“.
العلاج :
وتُعد تقنية العلاج المعروفة باسم “إعادة صياغة الحلم” من أكثر الأساليب المتبعة لعلاج الكوابيس. وعن هذه التقنية تقول الخبيرة الألمانية تونكير “بهذه الطريقة يتقمص الأشخاص الذين يعانون من الكوابيس دور المخرج السينمائي؛ حيث يحاولون تأليف نهاية جديدة تماماً للكوابيس تكون أقل ترويعاً من النهاية الأصلية”.
وتشرح الخبيرة الألمانية كيفية القيام بذلك، قائلة إن المريض يقوم أولاً بتدوين تفاصيل الكابوس الذي عايشه في منامه، ثم يقوم بانتقاء الأحداث التي تسببت له في الشعور بالفزع بمساعدة المعالج النفسي، وبعد ذلك يحاول استبدال هذه الأحداث بتخيّلات أخرى أقل ترويعاً له.
وأكدت تونكير أهمية أن تتسم تلك الأحداث الجديدة بالمواءمة مع أحداث الكابوس الحقيقي في المجمل، كي تُمثل بديلاً فعلياً له. وتقدم تونكير مثالاً على ذلك بقولها “يستبدل المريض موقف السيارات المظلم بآخر ذي إضاءة جيدة، أو أن يسلك الشيء المخيف الذي يطارد الإنسان في كوابيسه طريقاً آخر”.
وبعد الانتهاء من استبدال أحداث الكابوس المخيف بأخرى أقل ترويعاً بمساعدة المعالج النفسي، يقوم المريض بتدوين الرواية الجديدة للكابوس، على أن يقرأها أكثر من مرة يومياً طوال أسبوعين، كي يتذكر الرواية الجديدة فحسب.
أفضل الأساليب:
وعن تقنية “إعادة صياغة الحلم”، يقول البروفيسور الألماني ميشائيل شريدل من معهد الصحة النفسية بمدينة مانهايم إن “هذه التقنية تُعد أفضل أساليب علاج الكوابيس حتى وقتنا الحالي”.